للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الدليل الثاني]

القياس على العتق، قال الطحاوي: «رأينا أشياء يفعلها العباد على ضروب، فمنها العتاق ينفذ بالقول؛ لأن العبد إنما يزول ملك مولاه عنه إلى الله عز وجل، ومنها الهبات، والصدقات لا تنفذ بالقول حتى يكون معه القبض من الذي ملكها له، فأردنا أن ننظر حكم الأوقاف بأيها هي أشبه، فنعطفه عليه، فرأينا الرجل إذا أوقف أرضه، أو داره، فإنما يملك الذي أوقفها منافعها، ولم يملك من رقبتها شيئًا، إنما أخرجها من ملك نفسه إلى الله عز وجل، فثبت أن ذلك نظير ما أخرجه من ملكه إلى الله عز وجل، فكما كان ذلك لا يحتاج فيه إلى قبض مع القول، كان ذلك الوقوف لا يحتاج فيها إلى قبض مع القول» (١).

وقد سبق في مسألة متقدمة ذكر الأدلة على أن الوقف ليس من باب التمليك حتى يتوقف على القبض، وإنما هو من باب إخراج المال من ملك الواقف، ولذلك يصح الوقف ولا يحتاج إلى قبول إذا كان على غير معين بالاتفاق، وكذا إذا كان على معين على الصحيح.

قال ابن القيم: «لا يفتقر إلى قبول ـ يعني الوقف ـ إذا كان على غير معين اتفاقًا» (٢).

وقال الماوردي: «الوقف إزالة ملك على وجه القربة فأشبه العتق» (٣).

وإذا كان من باب إزالة الملك لم يفتقر إلى القبض، والله أعلم.


(١) شرح معاني الآثار (٤/ ٩٧).
(٢) إعلام الموقعين (٣/ ٣٧٣).
(٣) نقلًا من فتاوى السبكي (٢/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>