أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يبيعون الثمار قبل بدو صلاحها، فتصيبها العاهة، فيطلب البائع ثمنها من المشتري، ويطلب المشتري وضع ثمنها بسبب العاهة، فيتخاصمون من أجل ذلك، فلو كان وضع ثمنها واجبًا لأرشدهم إلى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولبين لهم أنه لا حق للبائع في المطالبة بثمنها إذا أصابتها عاهة، وإنما أشار عليهم بعدم البيع قبل بدو الصلاح، فدل ذلك على أن الأمر بالوضع ليس للوجوب.
[وأجيب]
بأن هذا الحديث قبل الأمر بوضع الجوائح، بدليل أن هذا الحديث في بيع الثمار قبل بدو صلاحها، كما كان في أول الأمر، ثم أشار عليهم بعدم بيعها حتى يبدو صلاحها، ثم نهى نهيًا جازمًا عن بيعها قبل بدو صلاحها.
[الدليل الثالث]
(ح-١٣٥) ما رواه البخاري من طريق مالك، عن حميد،
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تزهي، فقيل له: وما تزهي؟ قال: حتى تحمر. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت إذا منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه (١).
[وجه الاستدلال]
الحديث نهى عن بيع الثمار حتى تحمر، وعلل ذلك: بأنه إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حق، ومفهومه: أن الثمرة إذا احمرت فإن البيع جائز، ولا يؤمر البائع بوضع الجائحة على سبيل الوجوب، لأنه لو قيل بأن