قالوا: إنَّ عقد السلم لا يؤمن أن ينفسخ العقد فيه، كما لو تعذر تسليم المسلم فيه، فوجب معرفة رأس المال بالصفة والقدر ليرد بدله كالقرض. ومثله لو تبين أن بعض الثمن كان مستحقًا، فينفسخ العقد في قدره، فلا يدري في كم بقي، وكم انفسخ (١).
[ونوقش]
بأن تعذر المسلم فيه أمر موهوم، ومثله لا يعتبر في العقود، ولو وقع ذلك عمل بالقواعد، فإن القول عند التنازع في مقدار الثمن قول المسلم إليه؛ لأنه غارم. والقياس على القرض غير سديد؛ لأن مقتضى القرض أن يرد بدل ما اقترض، وليس مقتضى عقد السلم رد رأس المال، بل مقتضاه إيفاء المسلم فيه، ودليلهم ينتقض ببيع الأعيان، والإجارة، فإن المبيع قد يتلف قبل قبضه، وقد تتلف العين المؤجرة قبل استيفاء المنفعة، فينفسخ العقد فيهما، فيجب رد الثمن، ولو كان جزافًا، ومع ذلك قالوا بجواز الجزاف فيهما، فإذا كان ذلك لم يمنع من صحة البيع، والإجارة، لم يمنع كون الثمن جزافًا من صحة عقد السلم.
[وجه من فرق بين الصفة والمقدار]
أن من شاهد شيئًا فقد أحاط بصفته، لا فرق في ذلك بين المثلي، والقيمي.
وأما المقدار فلا يوقف عليه بمجرد المشاهدة، ولأن العقد يتعلق على مقداره وجهالة قدر رأس المال فيه قد تفضي إلى جهالة المسلم فيه، فلو أسلم مائة درهم بمائة إردب من القمح، فإن الثمن ينقسم على أجزائه، إذ كل درهم