للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاء في بدائع الصنائع: «وإن كان شيئًا هو قربة عندهم لا عندنا، بأن أوصى بأرض له تبنى بيعة أو كنيسة، أو بيت نار أو بعمارة البيعة، أو الكنيسة، أو بيت النار، أو بالذبح لعيدهم ... فهو على الاختلاف الذي ذكرنا: إن عند أبي حنيفة رحمه الله يجوز، وعندهما لا يجوز.

وجه قولهما: أن الوصية بهذه الأشياء وصية بما هو معصية، والوصية بالمعاصي لا تصح» (١).

[وتعقب هذا]

القول بأن هذه الوصية معصية فلا تصح: هل المقصود بأنه معصية باعتقادهم أو معصية باعتقادنا؟

فإن كان المقصود باعتقادهم فالكنائس قربة عندهم، وإن كان المقصود معصية باعتقادنا فهذا ليس بشيء؛ لأن هذا لو كان مانعًا لما جاز قبول الجزية منهم؛ لأنه تقرير لكفرهم، وبقائهم عليه (٢).

ولأن الكافر ليس من أهل الثواب حتى نشترط القربة، وهو لم يوص لمن يعتقد حرمته، وإنما أوصى به لأهل الذمة، فيجب تنفيذ وصاياهم بحسب اعتقادهم، ولذلك نصحح التصرف فيما بينهم من بيع الخمر والخنزير بناء على اعتقادهم، وليس بناء على حكمنا (٣).

نعم لو طلبوا حكمنا حكمنا بينهم بما أنزل الله، وليس بمقتضى اعتقادهم.


(١). بدائع الصنائع (٧/ ٣٤١).
(٢). انظر الاختيار لتعليل المختار (٥/ ٨٤).
(٣). انظر المبسوط (٢٨/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>