القول بأن الوقف لا يصح من غير قول مع القدرة عليه، هذا الكلام دعوى في محل النزاع، فأين الدليل عليه، ومثله يقال في العتق.
[الدليل الثاني]
إزالة الملك تتوقف على الرضا، والذي هو شرط في صحة جميع التصرفات،
ففي البيع قال تعالى:{إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ}[النساء:٢٩].
وفي التبرع قال تعالى: {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا (٤)} [النساء: ٤].
والرضا عمل قلبي، لا يعلمه إلا الله، فهو أمر خفي، فلا بد من لفظ يدل عليه، ويناط به الحكم، سواء كان مما يستقل به الإنسان كالوقف، والطلاق، والعتاق، والعفو، والإبراء، أو من غيره مما لا يستقل به وحده، كالبيع، والإجارة، والنكاح، ونحوها.
[ويناقش]
بأن الرضا عمل قلبي، والفعل دال عليه، وإذا اعتبرتم الإشارة من الأخرس، وأنها تدل على ما في قلبه من الرضا، كان الفعل من غيره دالًا أيضًا على الرضا، ولا يتوقف الأمر على اللفظ.
[الدليل الثالث]
القياس على عقد النكاح، فإنه لا ينعقد إلا باللفظ (١)، وقد اتفقوا على اشتراط الصيغة فيه، حتى لا يعلم أنه وجد لأحد من العلماء قول بالمعاطاة