وأن يكون المتبايعان قد عرفا قدر حلابها حين التبايع، فهذه الشروط لاشك أنها تضبط إلى حد كبير جدًا مقدار المبيع وصفته، فينتفي عنه الغرر الكثير، ويبقى الغرر اليسير مما يغتفر مثله إن شاء الله تعالى.
وأما إن اشتراه كيلًا فلا يدخله غرر حينئذ من جهة المقدار، وإذا لم يوف اللبن بالقدر المطلوب، أو جاء على صفة غير مرغوبة انفسخ المبيع كالسلم تمامًا.
فلا أرى مع هذه الضوابط التي وضعها المالكية أي محذور شرعي من جواز بيع اللبن في الضرع، وليس في جوازه ظلم لأحد المتبايعين، وقدر المبيع يعرف بالعادة، وإنما المحذور، والظلم، أن يحصل لأحد المتعاوضين مال، والآخر قد يحصل له وقد لا يحصل، وما يقال من أن اللبن وقت الحلب يختلط بلبن حادث، لم يقع عليه البيع، فيجاب عنه، بأن هذا المقدار يسير جدًا في وقت يسير جدًا، وهو وقت الحلب، والذي لا يستغرق دقائق معدودة، وقد طابت به نفس البائع، فيكون من الغرر اليسير الذي لا يؤثر في البيع، والله أعلم.
قال الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير «فهذه الضمانات - يعني شروط المالكية في جواز بيع اللبن في الضرع - كافية لتصحيح بيع اللبن في الضرع في الشاة الواحدة، وفي الغنم الكثير، وإن كان الغرر في بيع الغنم الكثير أبعد منه في بيع لبن الشاة الواحدة»(١).
[القول الرابع: رأي ابن تيمية وابن القيم.]
قال ابن القيم: «وأما بيع اللبن في الضرع .... يجب فيه التفصيل: