للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب التاسع

حكم القبض السابق في تطارح الدينين صرفًا

[م - ٢٠٠] إذا كان لرجل في ذمة آخر دنانير، وللآخر عليه دراهم، فاصطرفا ما في ذمتيهما، فهل يقوم القبض السابق مقام القبض اللاحق، ويغني القبض السابق عن وجوب القبض اللاحق؟ في هذه المسألة خلاف بين العلماء:

فذهب الحنفية والمالكية، والسبكي من الشافعية، وابن تيمية من الحنابلة إلى صحة الصرف من غير حاجة إلى قبض جديد (١)،

إلا أن المالكية اشترطوا أن يكون الدينان قد حلا معًا.

وحجتهم في أن ما في الذمة بحكم المقبوض:


(١) اشترط المالكية أن يكون الدينان قد حلا معًا، ولم يشترط ذلك غيرهم، انظر:
تبيين الحقائق (٤/ ١٣٩ - ١٤٠)، البحر الرائق (٦/ ٢١٦)، حاشية ابن عابدين (٥/ ٢٦٥)، الهداية شرح البداية (٣/ ٨٤)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٣/ ١٦٦)، الخرشي (٥/ ٢٣٤)، التاج والإكليل (٤/ ٣١٠)، الشرح الكبير (٣/ ٢٢٧)، حاشية الدسوقي (٣/ ٢٢٩)، مواهب الجليل (٤/ ٥٤٩)، الذخيرة (٥/ ٢٩٩)، منح الجليل (٥/ ٤١٠)،

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٦/ ٢٩٠): «واختلف الفقهاء أيضًا ... في الدينين يصارف عليهما، فقال مالك وأبو حنيفة، وأصحابهما: إذا كان له عليه دراهم، وله على الآخر دنانير جاز أن يشتري أحدهما ما عليه بما على الآخر؛ لأن الذمة تقوم مقام الحاضرة، وليس يحتاج ها هنا إلى قبض، فجاز التطارح، وقال الشافعي والليث بن سعد: لا يجوز؛ لأنه دين بدين، واستدلوا بقول عمر رضي الله عنه: لا تبيعوا منها غائبًا بناجز، قالوا: فالغائب بالغائب أحرى أن لا يجوز، ومن حجة مالك عليهما: أن الدين في الذمة كالمقبوض».
وقال ابن تيمية في الاختيارات (ص: ١٢٨): « ... وإن اصطرفا دينًا في ذمتهما جاز ... ». وانظر طبقات الشافعية لابن السبكي (١٠/ ١٣١)، نظرية العقد لابن تيمية (ص: ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>