للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والموصي لا ينتفعان بما يفعل الموصى له والموقوف عليه من المباحات في الدنيا، ولا يثابان على بذل المال في ذلك في الآخرة فيكون منفقا للمال في الباطل.

وإذا كان الشارع قد قال: (لا سبق إلا في خف؛ أو حافر، أو نصل) فلم يجوز بالجعل شيئا لا يستعان به على الجهاد، وإن كان مباحًا، وقد يكون فيه منفعة كما في المصارعة والمسابقة على الأقدام فكيف يبذل العوض المؤبد في عمل لا منفعة فيه، لا سيما والوقف محبس مؤبد، فكيف يحبس المال دائمًا مؤبدًا على عمل لا ينتفع به هو، ولا ينتفع به العامل .... (١). الخ كلامه رحمه الله

° الراجح:

القول بأن لفظ الواقف كنص الشارع التشبيه هنا ليس من كل الوجوه، تعالى الله سبحانه وتعالى أن يشبه كلامه بكلام خلقه، فشرط الواقف ليس كنص الشارع حتى في الفهم والدلالة، فكلام الناس لا يقاس عليه بخلاف حكم الشارع، وليس معصومًا، ويؤخذ منطوقه، وأما مفهومه فلا دلالة فيه، بخلاف نص الشارع، وإنما المراد أنه يجب اتباعه بأمر الشارع فيما لا يخالف الشرع، كوجوب اتباع أمر الواقف في تعيين مستحقه، وفي قدره، فإذا كانت إرادة الواقف حرة في إنشاء الوقف، كانت حرة في تعيين المصرف، وقدره، وطريقة صرفه من باب أولى، وهذه كلها أوصاف وشروط في الوقف، ولا يعني القول بأنه يجب اتباعه أنه لا تجوز مخالفته لو قام داع أقوى منه، كما جاز بيع الوقف وإن كان الأصل فيه المنع، وإذا جاز في الوقف على المعين ألا يقصد بوقفه البر، كالوقف على


(١). انظر الفتاوى المصرية (ص: ٣٩٢)، ومجموع الفتاوى (٣١/ ٤٧ - ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>