لو كان عقد الاستصناع من عقود البيع، لما بطل العقد بموت الصانع، كما هو مجمع عليه عند الحنفية.
وأجيب:
بأن الاستصناع لما كان فيه شبه بالإجارة، من حيث إن فيه طلب الاستصناع، وهو العمل، وفيه شبه بالبيع، من حيث إن المقصود فيه العين المستصنعة، فلشبهه بالإجارة قلنا: يبطل بموت أحد المتعاقدين، ولشبهه بالبيع أثبتنا فيه خيار الرؤية، وأجرينا فيه القياس، والاستحسان، وهذان الشبهان هما اللذان أوجبا أن يفرد الاستصناع بمسمى خاص، ويكون عقدًا مستقلًا له أحكامه الخاصة، ولا يلحق بالبيع المطلق، ولا بالصرف، ولا بالسلم، ولا بالإجارة، والله أعلم.
[القول الثالث]
قالوا: إن عقد الاستصناع هو إجارة ابتداء، وبيع انتهاء، لكن قبل التسليم، لا عند التسليم، بدليل قولهم: إذا مات الصانع يبطل، ولا يستوفى المصنوع من تركته، ذكره محمد في كتاب البيوع (١).
[ويجاب]
بأن العقد كونه مركبًا من عين وعمل، لا يعني ذلك أن نجعله تارة إجارة، وتارة بيعًا، وأن العقد بدأ في إجارة، وانتهى في بيع، بل نجعله عقدًا مستقلًا، وهذا ما حملنا على إفراده في باب مستقل، كما استقل الصرف والسلم بأحكام