للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكفالة والحوالة يتقاربان من حيث إن كل واحد منهما إقراض للذمة والتزام على قصد التوثق، فكما أنه لو شرط في الحوالة أن يطالب بالمال أيهما شاء ; كانت الكفالة فإذا شرط في الكفالة أن يكون الأصيل بريئا ; كانت الحوالة» (١).

[حكم أخذ العوض بناء على هذا التكييف]

أخذ العوض على الحوالة الفقهية (استثناء من الحوالة المصرفية) لا يجوز مطلقًا، سواء قلنا في تكييف الحوالة: إنها من قبيل بيع الدين بالدين، أو قلنا: إن الحوالة هي استيفاء للحق، وليست بيعًا.

فإن كيفت الحوالة بأنها بيع: كان المنع من أخذ العوض يرجع إلى أمرين:

الأول: أن الحوالة إذا كانت بيعًا لم تصح على من لا دين عليه لعدم الاعتياض، إذ ليس عليه شيء يجعله عوضًا عن حق المحتال (٢).

الثاني: أن الحوالة في حال تكييفها بأنها بيع، يبقى إشكال آخر، فإن الشارع وإن رخص بعدم التقابض في بيع الدراهم بمثلها في عقد الحوالة، كما رخص في عقد القرض، فإن التفاضل في بيع الدراهم بالدرهم لا يجوز، وفي حال أخذ العوض على الحوالة سيكون هناك تفاضل قطعًا، فالبنك سيدفع (٩٨) ويأخذ مائة من حامل البطاقة.

أما إن قلنا: إن الحوالة هي استيفاء للحق، وليست بيعًا، وهو مذهب الجمهور، وهو الراجح، فلا يجوز أخذ العوض عليه أيضًا.

فقد صرح الحنابلة والشافعية بأن الحوالة عقد إرفاق منفرد بنفسه، ليس بمحمول على غيره، وليست الحوالة بيعًا؛ لأنها لو كانت بيعًا لما جاز التفرق


(١) المبسوط (٢٠/ ٤٦).
(٢) انظر أسنى المطالب (٢/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>