رابعًا: الخيار الثابت بحديث التصرية إنما هو للمشتري فقط دون البائع سواء رضي بذلك أم لم يرض بخلاف خيار الشرط فإن ذلك قد يكون للبائع، وقد يكون للمشتري، وقد يكون لكلا المتعاقدين.
[دليل من قال: يختلف ذلك باختلاف السلع]
لما كان اشتراط الخيار مستثنى من بيع الغرر؛ للتردد في العقد، لأنه لا يدري ما يؤول إليه الأمر، لكن أجازه الشارع رفقًا بالمتبايعين للنظر، والرأي، والاختبار، وليدخل من له الخيار على بصيرة بالثمن والمثمن، ولينفي الغبن عن نفسه، فإنه يجب أن يكون الأجل بقدر الحاجة، تقليلًا للغرر، وإذا كان الأجل بقدر الحاجة فإن ذلك يختلف باختلاف السلع، والغرض من الخيار، فمن اشترط الخيار للمشورة لا يحتاج من الأجل كما يحتاج من اشترط الخيار لأجل تجربة المبيع، والوقوف على حقيقته.
[ويناقش]
أولًا: لا نسلم أن اشتراط الخيار مستثنى من بيع الغرر، لأن الخيار غاية ما فيه أنه يحول العقد من كونه لازمًا إلى كونه جائزًا، ومثل هذا لا يعتبر من الغرر، لأن العاقد قد دخل على بصيرة، وأجل الخيار معلوم لدى المتعاقدين ولو كان طويلًا، فانتفت الجهالة وانتفى الغرر.
ثانيًا: أن تقدير المدة واختلافها من سلعة إلى سلعة، ومن غرض إلى آخر بحيث لو زادت المدة على هذا التقدير فسد العقد هذا الأمر يعسر ضبطه، وقد يختلف الناس في تقديره، فإن كان تقدير ذلك للفقهاء فهم قد لا يكونون من أهل المعرفة لبعدهم عن التجارة، وإن كان مرد ذلك إلى التجار أدى ذلك إلى الاختلاف والتنازع في ضبط مثل ذلك لاختلاف عرف التجار، واتساع رقعة