مبالغ، أو أقساطًا تلتزم بعدها بتسليم دية المجني عليه، فهو من باب التعاون بين العاقلة التي تربط بينهم رابطة الدم، والرحم، والقرابة التي تدعو إلى النصرة، والتواصل، والتعاون، وإسداء المعروف، ففيه فرق بينه وبين عقد التأمين القائم على عقد المعاوضة، والاستغلال.
وكما قلت فيما سبق أن محاولة التكلف في تخريج عقد التأمين على عقد من العقود السابقة عمل ليس بجيد، فلسنا مكلفين بتكييف عقد التأمين على أنه عقد كفالة، أو عقد وكالة، أو مضاربة، أو مرابحة، أو قياسه على الوعد الملزم عند المالكية، أو على أي عقد من العقود المعروفة من المسميات القديمة، ولذا سوف أعرض عن هذه الأدلة صفحًا تجنبًا للتكلف في رد الاعتراض عليها، وإنما علينا أن ندرس عقد التأمين من حيث هو، بصرف النظر عن العقود السابقة، وهل القول بجوازه يتمشى مع الأصل، وأن الأصل في العقود والشروط الجواز والصحة، أو أن هذا العقد يخالف حكم الله، فيكون باطلًا لمخالفته حكم الله، هذا هو مناط التحقيق، والله أعلم.
[دليل من قال: لا يجوز التأمين على الحياة.]
حقيقة التأمين على الحياة: أنه شراء دين بدين، وشراء دراهم بدراهم أكثر منها، وذلك أن المؤمن على حياته يدفع نقودًا مقسطة، مقابل نقود كثيرة مؤجلة، فيقع في نوعي الربا: ربا الفضل وربا النسيئة، كما أن هذا العوض غير موثوق في الحصول عليه، فقد يفوت عليه بعجزه عن دفع بقية الأقساط.
ويختلف هذا التأمين عن التأمين على البضائع، فإن المؤمن على سيارته لا يريد الحصول على نقود أكثر مما دفع، ولا أقل، لا في حياته، ولا بعد مماته، وإنما يريد الاطمئنان عن الحوادث منها أو عليها، وإذا تلفت السيارة تعوضه