أن الاستبقاء أقوى من الابتداء، وهذه قاعدة فقهية، فبقاء الإيجاب بعد عقده أقوى من ابتدائه، وقياس الاستبقاء على الابتداء قياس مع الفارق، فالدوام على الشيء ليس بمنزلة ابتدائه، ويغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء، ولهذا أمثلة كثيرة تذكر في كتب القواعد الفقهية.
[الوجه الثاني]
أن إبطال الإيجاب باحتمال رجوع الموجب قول ضعيف؛ لأن الاحتمال لا يبطل اليقين، واليقين أن الموصي قد عقد الوصية وأرادها، فيجب استصحاب هذا العقد، والرجوع عنه إنما هو مجرد احتمال، فلا ينقض اليقين بالاحتمال.
° الراجح:
أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فإذا كان عقد الوصية حين عقده قد توفرت فيه أهلية العاقد لم يبطله تعرض صاحبه لجنون، كما لا يبطله تعرضه لغيبوبة مطبقة، فإن الإغماء يغطي العقل، وهو نوع من المرض، وكما أن الجنون الطارئ لا يلغي كل عباداته وعقوده السابقة من بيع، وإجارة ونحوهما، فكذلك الوصية والله أعلم.