للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحق أن الخلاف محفوظ، كما سوف تعلم ذلك من خلال عرض أقوال المسألة.

[الدليل الثاني]

كل عقد يشترط فيه قبض الثمن في مجلس العقد، لا يجوز اشتراط الخيار فيه، كالصرف، والسلم، وبيع الربوي بمثله؛ لأنه إذا كان لا يجوز أن يفترقا إلا وقد تم العقد، وقبض الثمن، كما جاء في أثر ابن عمر في الصرف (ما لم تفترقا وبينكما شيء) والثمن في السلم لا يجوز التفرق فيه قبل قبض الثمن؛ لوجوب إتمام العقد قبل التفرق، فاشتراط الخيار ينافي ذلك؛ لأن الخيار يجعل المتعاقدين يفترقان، ولم يلزم العقد.

يقول الكاساني: «قبض رأس المال من شرائط الصحة .... ولا صحة للقبض إلا في الملك، وخيار الشرط يمنع ثبوت الملك، فيمنع المستحق صحة القبض» (١).

وقدم الحنفية تعليلًا آخر، وهو أن مقتضى العقد في البيع اللزوم، واشتراط الخيار يمنع لزوم العقد، فهو مخالف لمقتضى العقد، مفسد للعقد في الأصل، إلا أنا عرفنا جوازه بالنص، والنص ورد في بيع العين، فبقي بيع الذمة على أصل القياس خصوصًا إذا لم يكن في معناه (٢).

[يناقش]

هذا الدليل مبني على القول بوجوب تسليم الثمن في مجلس العقد، وهي مسألة خلافية، وسيأتي مناقشة تلك المسألة في مسألة مستقلة إن شاء الله تعالى.


(١) بدائع الصنائع (٥/ ٢٠١).
(٢) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>