[م-٨٠٦] من أهم الأمور التي ينبغي تحريرها في عقد التوريد هل هو عقد بيع، أو عقد إجارة، أو هو عقد مركب من بيع وإجارة؟
وأهمية ذلك ترجع إلى اشتراط تقديم الثمن.
فإن قلنا: إن عقد التوريد عقد بيع، وكان المبيع موصوفًا في الذمة اشترطنا تقديم الثمن حتى لا نقع في بيع الدين بالدين.
ولما كانت الممارسات القائمة في أسواق المسلمين لا تقوم على تقديم الثمن؛ لأن في ذلك مخاطرة كبيرة فقد لا يلتزم المورد بتسليم البضاعة، وإذا التزم بتسليمها فقد لا يلتزم بالمواصفات المتفق عليها.
لذا رأى بعضهم أن يفتي بجواز هذه المعاملة بالرغم من كونه مخالفًا للأصول، وذلك على أساس أن الحاجة تنزل منزلة الضرورة، ولأنه ليس في هذا العقد ما يؤدي إلى الربا أو القمار، أو الغرر الفاحش الذي هو علة لمنع بيع الكالئ بالكالئ.
قال الشيخ القاضي محمد تقي العثماني:«ولكن هذا الرأي فيه نظر من وجوه، ولو فتحنا باب غض النظر عن هذه المبادئ التي استمر عليها الفقه الإسلامي عبر القرون، فإن ذلك يفتح المجال لإباحة كثير من العقود الفاسدة التي ابتدعها السوق الرأسمالي مثل المستقبليات وغيرها»(١).
(١) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثاني عشر (٢/ ٣١٤).