وقد تكلمت على هذه المسألة بشيء من التفصيل في عقد السلم، وفي عقد الإجارة.
أما بخصوص عقد الوصية فلا نزاع في مشروعيته كما سيأتي بحثه إن شاء الله تعالى، ولكن وقع الخلاف، هل كانت مشروعيته جارية على وفق القياس، أو كان القياس يقتضي منعه، ولكن جاءت النصوص بمشروعيته؟ على قولين:
[القول الأول]
صرح الحنفية بأن مشروعية الوصية على خلاف القياس (١).
° وجه القول بذلك:
أن الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت، والموت مزيل للملك، وبه تنقطع حقوق الإنسان في أمواله، وتتعلق حقوق الورثة، فلا يجوز أن يقاس عليها تجويز إضافة غيرها من التصرفات إلى ما بعد الموت، كالبيع والإجارة والإعارة بأن يعقدها الشخص في حال حياته مضافة لما بعد الموت.
[ويناقش]
بأن التدبير متفق على مشروعيته، وهو الرقيق الذي علق عتقه بموت مالكه، فصح تصرف المالك بماله معلقًا بموته، وهو غير الوصية.
[ورد هذا]
بأن التعليق وإن اتفق على مشروعيته إلا أن العلماء مختلفون، هل ينفذ من
(١). بدائع الصنائع (٧/ ٣٣٠)، تبيين الحقائق (٦/ ١٨٢)، البحر الرائق (٨/ ٤٦٠)، فتح القدير (١٠/ ٤١١).