القول بأن الحكرة تجري في كل ما يضر بالناس، وذلك أن التحريم من باب دفع الضرر عن السوق والمستهلك، فما كان في احتكاره ضرر على السوق، أو على المستهلكين في رفع الأسعار عليهم حرم تعاطي ذلك، بل إن حماية السوق أهم من حماية الأفراد، وذلك أن الشارع نهى عن تلقي الجلب حماية للبائع، ولما كان النفع راجعًا إلى السوق نهى أن يبيع الحاضر للبادي، وكان المقصود نفع السوق، وإن تضرر البادي.
وقد تطورت عملية الاحتكار في هذا العصر، حتى أصبحت الشركات الصناعية، والتجارية تقوم باعتماد وكالات لها في مختلف الأسواق، ولا يكون البيع والشراء إلا من خلالها، بل إن بعض الدول تقوم باقتطاع نسبة معينة من الرسوم الجمركية (المكوس) التي تفرض على السلع المستوردة عن غير طريق الوكالة لصالح هذه الوكالة المحتكرة حماية لها.
وقد أشار ابن القيم رحمه الله إلى حرمة مثل هذا النوع من الاحتكار:
يقول رحمه الله:«ومن ذلك - أي من أقبح الظلم - أن يلزم الناس ألا يبيع الطعام، أو غيره من الأصناف إلا ناس معروفون، فلا تباع تلك السلعة إلا لهم، ثم يبيعونها هم بما يريدون، فلو باع غيرهم ذلك منع، وعوقب، فهذا من البغي في الأرض، والفساد، والظلم الذي يحبس به قطر السماء»(١).
وقال أيضًا: «ومن أقبح الظلم إيجار الحانوت على الطريق، أو في القرية بأجرة معينة على ألا يبيع أحد غيره، فهذا ظلم حرام على المؤجر،