وانظر في مذهب الشافعية: المهذب (١/ ٢٩٢)، التنبيه (ص: ٩٦)، إعانة الطالبين (٣/ ٢٤)، روضة الطالبين (٣/ ٤١١)، مغني المحتاج (٢/ ٣٨). وفي مذهب الحنابلة: قال في الإنصاف (٤/ ٣٣٨): «ويحرم الاحتكار في قوت الآدمي فقط على الصحيح من المذهب نص عليه .. ».
وانظر الكافي (٢/ ٤٢)، المبدع (٤/ ٤٧)، المغني (٤/ ١٥٣)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٢٦). (٢) قال الكاساني في بدائع الصنائع (٥/ ١٢٩): «ويكره الاحتكار» ثم فسر الكراهة بالتحريم في قوله: «وأما حكم الاحتكار فنقول: يتعلق بالاحتكار أحكام منها الحرمة، لما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: المحتكر ملعون، والجالب مرزوق، ولا يلحق اللعن إلا بمباشرة الحرام، وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: من احتكر طعامًا أربعين ليلة فقد برئ من الله، وبرئ الله منه، ومثل هذا الوعيد لا يلحق إلا بارتكاب الحرام، ولأن الاحتكار من باب الظلم؛ لأن ما بيع في المصر فقد تعلق به حق العامة، فإذا امتنع المشتري عن بيعه عند شدة حاجتهم إليه، فقد منعهم حقهم، ومنع الحق عن المستحق ظلم، وأنه حرام». وفي كتاب العناية شرح الهداية (١٠/ ٥٨ - ٥٩): «كل ما يجلب منه إلى المصر في الغالب فهو بمنزلة المصر، يحرم الاحتكار فيه لتعلق حق العامة به .. ». وجاء في البحر الرائق (٨/ ٢٢٩): «وفي المحيط الاحتكار على وجوه: أحدها حرام، وهو أن يشتري في المصر طعامًا، ويمتنع عن بيعه عند الحاجة إليه .. ». إذا عرفنا ذلك فإن غالب كتب الحنفية تعبر عن حكم الاحتكار بالكراهة، والكراهة إذا أطلقت عند الحنفية فالمراد منها كراهة التحريم.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين (١/ ٣٣): نص محمد بن الحسن أن كل مكروه فهو حرام إلا أنه لما لم يجد فيه نصًا قاطعًا لم يطلق عليه لفظ الحرام. وروى محمد أيضًا، عن أبي حنيفة، وأبي يوسف أنه إلى الحرام أقرب; وقد قال في الجامع الكبير: يكره الشرب في آنية الذهب والفضة للرجال والنساء ومراده التحريم; وكذلك قال أبو يوسف ومحمد: يكره النوم على فرش الحرير والتوسد على وسائده ومرادهما التحريم. وقال أبو حنيفة وصاحباه: يكره أن يلبس الذكور من الصبيان الذهب والحرير وقد صرح الأصحاب أنه حرام .... وقالوا: يكره الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم إذا أضر بهم وضيق عليهم ومرادهم التحريم. وقالوا: يكره بيع السلاح في أيام الفتنة ومرادهم التحريم ... وساق أمثلة كثيرة على ذلك.