للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما أذن ببيعها بعد بدو صلاحها، دل على أن ضمان ذلك من مال المشتري، فإن أصابته جائحة بعد بدو صلاحها استحب له أن يضع ذلك عن المشتري (١).

وسوف يأتي الجواب على ذلك عند ذكر أدلة القول الثاني إن شاء الله تعالى.

[الوجه الثالث]

أن حديثي جابر محمولان على بيع ثمرة قبل بدو صلاحها.

وقد أجاب عن ذلك ابن تيمية وغيره، قال ابن تيمية:

«وهذا باطل لعدة أوجه.

أحدها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا بعت من أخيك ثمرة فأصابتها جائحة) والبيع المطلق لا ينصرف إلا إلى البيع الصحيح.

والثاني: أنه أطلق بيع الثمرة، ولم يقل قبل بدو صلاحها، فأما تقييده ببيعها قبل بدو صلاحها، فلا وجه له.

الثالث: أنه قيد ذلك بحال الجائحة، وبيع الثمر قبل بدو صلاحه لا يجب فيه ثمن بحال.

الرابع: أن المقبوض بالعقد الفاسد مضمون، فلو كان الثمر على الشجر مقبوضًا، لوجب أن يكون مضمونًا على المشتري في العقد الفاسد» (٢).

الخامس: أن المشتري لم يقبض الثمرة القبض التام، الذي يوجب نقل الضمان إليه، فإن قبض كل شيء بحسبه، وقبض الثمار إنما يكون عند كمال إدراكها، ونضجها إنما يحدث شيئًا فشيئًا كالمنافع في الإجارة، وتسليم الشجرة إليه، كتسليم العين المؤجرة من الأرض والعقار والحيوان.


(١) انظر مغني المحتاج (٢/ ٩٢)، إعلاء السنن (١٤/ ٣١).
(٢) مجموع الفتاوى (٣٠/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>