وقال ابن تيمية:«ويجوز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح منه، وإن اختلف ذلك باختلاف الزمان، حتى لو وقف على الفقهاء والصوفية واحتاج الناس إلى الجهاد صرف إلى الجند»(١).
وأدلة هذه المسألة هي أدلة حكم استبدال الوقف؛ لأن ما جاز في أصل الوقف ففي شرطه من باب أولى، وقد سبق بحث هذه المسألة فأغنى ذلك عن إعادتها هنا.
° الراجح:
أن الوقف إن كان لمعين فلا يجوز تغييره ولا تغيير شرطه إلى ما هو أفضل؛ لتعلق حق الغير، وإن كان الوقف على جهة جاز ذلك إلا أنه لا ينفرد الناظر بذلك، بل لا بد من إشراف قضائي تكون المصلحة فيه ظاهرة، والله أعلم.
وقد قال شيخنا ابن عثيمين نحو ذلك في تغيير الوصية، والوقف مقيس عليها:
قال الشيخ: «تغيير الوصية لما هو أفضل ففيه خلاف بين أهل العلم؛ فمنهم من قال: إنه لا يجوز؛ لعموم قوله تعالى:{فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ}[البقرة: ١٨١] ولم يستثن إلا ما وقع في إثم فيبقى الأمر على ما هو عليه لا يغير؛ ومنهم من قال: بل يجوز تغييرها إلى ما هو أفضل؛ لأن الغرض من الوصية التقرب إلى الله عز وجل، ونفع الموصى له، فكلما كان أقرب إلى الله، وأنفع للموصى له كان أولى أيضاً؛ والموصي بشر قد يخفى عليه ما هو الأفضل؛ وقد يكون الأفضل في وقت ما غير الأفضل في وقت آخر؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاز تحويل النذر إلى ما هو أفضل مع وجوب الوفاء به .....