حساب المؤلف دون أن يكون له نصيب فيما قام به من جهد، وتكلفه من مشقة، ليس من العدل والإنصاف، حيث إن المؤلف قد حبس نفسه ووقف حياته على هذا العمل، وقد لا يكون له مصدر للمعاش سواه.
وقد أنكر الشيخ وهبة الزحيلي على من أنكر هذا الحق، قائلًا وفقه الله:«لا أدري وجود شر أو غبن أو جور أعظم من هذا: أن يستثمر الطابع أو الناشر حق المؤلف، ويربح على حسابه أموالًا طائلة، ويحرم المؤلف المسكين الذي كاد عقله أن يتفجر، وفكره يعيا، وأعصابه تتلف من عناء إنجاز المصنف، والذي كلفه جهودًا طويلة وشاقة، فسهر ليله، وأتعب عينيه، وشغل نهاره كله بالتأليف، ثم يقال له: قدم هذا العمل لغيرك مجانًا!! إن هذا لهو الإفك المبين والخطأ الواضح»(١).
[وقد اعترض بعضهم على هذا بقوله]
لا يعتبر مصنف المؤلف الشرعي مغبونًا ومحرومًا إذا اختار ما وعد الله، وما يرجوه منه على دراهم معدودة يأخذها من الناشر، وقد يكون الله أغناه عنها بما أنعم عليه من كفاية.
[ويجاب عن هذا]
بأن أخذ العوض لا يعني قطع الأجر، ولا القدح في الإخلاص كما ذكرنا ذلك في الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية السابقة، وإنما الذي يقدح لو كان الباعث على التأليف هو الكسب الدنيوي فقط، وأما إذا كان الباعث على العمل الدار الآخر، والكسب الدنيوي لم يكن ذلك قادحًا في النية.