للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

في حكم التورق

من اشترى سلعة بثمن مؤجل بعقد صحيح، فقد ملكها، وحق الملك إطلاق التصرف فيها بشرطه: وهو قبضها، وبيعها على غير بائعها.

قال الشيخ عبد العزيز بن باز: «كون المقصود من التورق هو النقد فليس ذلك موجبًا لتحريمها، ولا لكراهتها؛ لأن مقصود التجار غالبًا من المعاملات هو تحصيل نقود أكثر بنقود أقل».

إذا جاز بيع التمر الرديء ليشتري جيدًا، ولم يكن قصده الدراهم، وإنما قصده الجيد برديء، جاز أن يشتري السلعة، وهو لا يريدها، وإنما يريد الدراهم. ومن فرق بينهما فقد تكلف الفرق.

[م-١٢٠٦] اختلف العلماء في حكم التورق.

فقيل: يجوز التورق.

وهو مذهب الجمهور من الحنفية (١)، وقول في مذهب المالكية (٢)، والمذهب عند الشافعية (٣)،


(١) قال في حاشية ابن عابدين (٥/ ٣٢٦): «فإن لم يعد - أي المبيع إلى بائعه - كما إذا باعه المديون في السوق فلا كراهية فيه، بل خلاف الأولى؛ فإن الأجل قابله قسط من الثمن، والقرض غير واجب عليه دائمًا، بل هو مندوب، وما لم ترجع إليه العين التي خرجت منه لا يسمى بيع العينة .... ». وانظر فتح القدير لابن الهمام (٧/ ٢١٣).
(٢) قال الحطاب في مواهب الجليل (٤/ ٤٠٤): «لم يحك ابن رشد في جوازه خلافًا».
(٣) الشافعية يرون جواز بيع العينة، وهو رجوع السلعة إلى بائعها الأول إذا لم يكن البيع الثاني مشروطًا في العقد، فمن باب أولى أن يكون التورق جائزًا في مذهبهم.
يقول النووي في المجموع (٩/ ٣١٤): «الاعتبار عندنا بظاهر العقود، لا بما ينويه العاقدان، ولهذا يصح بيع العينة، ونكاح مَنْ قصد التحليل، ونظائره ... ».

<<  <  ج: ص:  >  >>