للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الثاني]

من شرط الضرورة التي تبيح الحرام ألا تندفع إلا بارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، وهذا الشرط لا يتحقق في السندات؛ لأن وسائل الاستثمار المباحة لا تكاد تحصى كثرة، من ذلك الشراء بالتقسيط، أو عن طريق السلم.

فيشترط لجواز تناول المحرم في حال الضرورة، أن يعلم يقيناً، أن فعل المحرم يرفع الضرورة، ويحصل به المقصود، ومعلوم أن الشركة التي تقترض بالربا عن طريق إصدار السندات عند تعرضها للإفلاس مثلاً، لا يعلم على وجه اليقين أن ذلك يقيها من الإفلاس، بل قد يزيدها إفلاساً.

يقول ابن تيمية في بيان عدم جواز التداوي بالخمر:

«والذين جوزوا التداوي بالمحرم، قاسوا ذلك على إباحة المحرمات، كالميتة، والدم للمضطر، وهذا ضعيف لوجوه:

أحدها: أن المضطر يحصل مقصوده يقيناً بتناول المحرمات، فإنه إذا أكلها سدت رمقه، وأزالت ضرورته، أما الخبائث بل وغيرها فلا يتيقن حصول الشفاء بها، فما أكثر من يتداوى بها فلا يشفى، ولهذا أباحوا دفع الغصة بالخمر، لحصول المقصود بها، وتعيينها له، بخلاف شربها للعطش، فقد تنازعوا فيه. فإنهم قالوا: إنها لا تروي.

الثاني: أن المضطر لا طريق له إلى إزالة ضرورته، إلا الأكل من هذه الأعيان، وأما التداوي فلا يتعين تناول هذا الخبيث طريقاً لشفائه» (١).

فثبت بذلك ألا ضرورة أصلاً إلى التعامل في السندات الربوية طريقاً لحل المشكلات المالية، والله أعلم.


(١) مجموع الفتاوى (٢٤/ ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>