على هذا، أو انفرد به مما يخالفه فهو مختلف عليه فيه، فيحكم بشذوذه، هذا ما ترجح لي في حديث فضالة، والعلم عند الله
[الاعتراض الثاني على الاستدلال بحديث فضالة]
يجوز أن يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بأن لا تباع القلادة حتى تفصل لإحاطة علمه أن تلك قلادة لا يوصل إلى علم ما فيها من الذهب ولا إلى مقداره إلا بعد أن يفصل منها، ويعلم مقداره، أو يكون ما في القلادة من الذهب أكثر من الثمن، ويؤيد ذلك ما رواه مسلم، عن فضالة بن عبيد قال: اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارًا، ففصلتها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا.
فتبين أنه لم يستطع أن يعلم ما فيها حتى فصلها، وأن ما فيها من الذهب كان أكثر من الثمن. والذهب إذا بيع بذهب لا بد من الوقوف على مقداره، فلو كان مقدار الذهب المفرد أكثر من الذهب الذي مع الخرز لجاز البيع (١).
وقال ابن تيمية: «إذا لم يعلم مقدار الربوي بل يخرص خرصًا مثل القلادة التي بيعت يوم حنين، وفيها خرز معلق بذهب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تباع حتى تفصل، فان تلك القلادة لما فصلت كان ذهب الخرز أكثر من ذلك الذهب المفرد فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع هذا بهذا حتى تفصل؛ لأن الذهب المفرد يجوز أن يكون أنقص من الذهب المقرون، فيكون قد باع ذهبًا بذهب مثله، وزيادة خرز وهذا لا يجوز، وإذا علم المأخذ فإذا كان المقصود بيع دراهم بدراهم مثلها وكان المفرد أكثر من المخلوط كما في الدراهم الخالصة بالمغشوشة بحيث تكون الزيادة في مقابلة الخلط لم يكن في هذا من مفسدة الربا شيء إذ ليس
(١) انظر اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (٢/ ٤٩٦).