للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواه مسلم من طريق عبد الله بن إدريس، عن ابن جريج، عن أبي الزبير به، بلفظ:

قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل شركة لم تقسم: ربعة، أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يؤذنه، فهو أحق به.

ورواه مسلم من طريق ابن وهب، عن ابن جريج، أن أبا الزبير أخبره،

أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل شرك في أرض أو ربع أو حائط، لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه، فيأخذ أو يدع، فإن أبى فشريكه أحق به حتى يؤذنه (١).

[وجه الاستدلال]

قوله (الشفعة في كل شرك .... ) فـ (أل) في كلمة (الشفعة) للمعهود، فإن لم


(١) صحيح مسلم (١٦٠٨)، حديث جابر في الشفعة رواه البخاري من طريق أبي سلمة، عن جابر، وذكرت لفظه في الدليل الأول. ورواه مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر كما في هذا اللفظ. وقد جعل الحميدي في الجمع بين الصحيحين حديث أبي سلمة عن جابر من أفراد البخاري. وجعل رواية أبي الزبير عن جابر من أفراد مسلم، وهذا ذهاب من الحميدي رحمه الله إلى أنهما حديثان، وليسا حديثًا واحدًا.
وتعجب من ذلك ابن الأثير رحمه الله في جامع الأصول، قال ابن الأثير: (١/ ٥٨٢): رأيت الحميدي رحمه الله قد جعل هذا الحديث من أفراد البخاري، وأفراد مسلم، ولم يذكره في المتفق عليه، وما أعلم السبب في ذلك، لعله قد عرف فيه ما لم نعرفه. اهـ
وفعل الحميدي هو الصواب، وإن كان موضوع الحديثين الشفعة إلا أن كل حديث قد تكلم في شأن من الشفعة لم يتطرق له الحديث الآخر، فلو كانا حديثًا واحدًا لاقتضى من الباحث ترجيح أحد اللفظين، ولا شك أن رواية أبي سلمة عن جابر مقدمة على رواية أبي الزبير، خاصة وقد تقوت رواية أبي سلمة بمرسل سعيد بن المسيب، وحديث أبي هريرة، إلا أن الراجح أنهما حديثان، أحدهما تكلم في شفعة الشريك الذي لم يقاسم، والآخر تكلم في استئذان الشريك قبل البيع، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>