واضح أن العقد لم يرد إلا على الرقبة، ولم تكن منفعة المستأجر داخلة في العقد، ويستحق البائع عوض المنفعة طيلة مدة الإجارة المعلومة.
وإن كان البيع ورد على العين وعلى المنفعة، وكان المشتري عالماً بأن العين مستأجرة فإن المشتري يستحق عوض المنفعة من ابتداء العقد، وقد خرجت الرقبة ومنفعتها من ملك البائع، وصارت مستحقة للمشتري.
وإن كان المشتري قد اشترى العين ولم يعلم أنها مؤجرة فإن هذا يعتبر بمنزلة العيب، وله الخيار بين الفسخ والإمضاء.
[الدليل الثالث]
اشتراط تأخير التسليم مدة معينة مخالف لمقتضى العقد، فإن مقتضى العقد تسليم العين في الحال، فيكون اشتراط مثل ذلك مفسداً للعقد.
[ونوقش هذا]
قال ابن القيم:«قوله: إن موجب العقد التسليم في الحال، جوابه: أن موجب العقد إما أن يكون ما أوجبه الشارع بالعقد، أو ما أوجبه المتعاقدان مما يسوغ لهما أن يوجباه وكلاهما منتف في هذه الدعوى; فلا الشارع أوجب أن يكون كل مبيع مستحق التسليم عقيب العقد ولا العاقدان التزما ذلك بل تارة يعقدان العقد على هذا الوجه وتارة يشترطان التأخير إما في الثمن وإما في المثمن وقد يكون للبائع غرض صحيح ومصلحة في تأخير التسليم للمبيع كما كان لجابر رضي الله عنه غرض صحيح في تأخير تسليم بعيره إلى المدينة .. »(١).