للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوجه الثاني:

أن الوقف إذا عرى عن المعصية، ولو لم يكن قربة فإنه صحيح، غاية ما فيه أنه صرف ماله في أمر مباح، وهذا لا يقتضي التحريم.

[وأجيب]

هذا الكلام يصح لو كان الوقف على معين، كما لو وقف على زيد، وكان فاسقًا، أو غنيًا، أو ذميًا، فإن الاستحقاق لم يكن بسبب الفسق، أو الغنى، أو الكفر، أما الوقف على جهة فهو مختلف، فاستحقاق الوقف فيه يقوم على الوصف، وهذه الأوصاف لا يجوز أن تكون سببًا في استحقاق الصدقة.

قال ابن القيم: «أن يقف على الأغنياء، فهذا يصح إذا كان الموقوف عليه غنيًا، أو ذا قرابة، فلا يكون الغنى مانعًا، ولا يصح أن يكون جهة الاستحقاق هو الغنى، فيستحق ما دام غنيًا، فإذا افتقر، واضطر إلى ما يقيم أوده حرم عليه تناول الوقف، فهذا لا يقوله إلا من حرم التوفيق وصحبه الخذلان» (١).

وفرق الماوردي بين الوقف على رجل مرتد، وبين الوقف على من ارتد، فقال:

«والفرق بين أن يقفها على مرتد فيجوز، وبين أن يقفها على من ارتد فلا يجوز من وجهين:

أحدهما: أن الوقف على من ارتد، وقف على الردة، والردة معصية، والوقف على رجل هو مرتد ليس بوقف على الردة، فلم يكن وقفًا على معصية.

والفرق الثاني: في الوقف على من ارتد إغراء بالدخول في الردة، وليس في


(١). إعلام الموقعين (٤/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>