للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الراجح]

الراجح والله أعلم جواز أكل لحم الآدمي عند الضرورة. وإذا ثبت جواز المنفعة من جثة الميت بالتشريح لكشف الجريمة والأمراض الوبائية، وجاز الانتفاع بجثة الميت بالأكل للمضطر، فهل يجوز بذل المال في شراء الجثة لهذا المنافع المباحة؟ فالمباحث السابقة إنما سيقت لبيان أن جثة الميت صالحة للانتفاع بها كالتشريح، ونقل الأعضاء، والأكل عند الاضطرار، فمن احتاج إلى هذه المنافع، فهل يجوز له شراؤه لذلك.

وللجواب على ذلك يقال: هناك فرق بين الانتفاع وبين البيع، فليس كل ما يجوز الانتفاع به يجوز بيعه.

فهذا الدم لا يجوز بيعه، كما سيأتي بيانه إن شاء الله في فصل مستقل، ويكاد يتفق الفقهاء في هذا العصر على جواز هبته، ونقله من شخص لآخر.

وهذا الكلب، لا يجوز بيعه على الصحيح، وهو قول الجمهور كما سيأتي بحثه إن شاء الله تعالى، ومع ذلك يجوز الانتفاع به في الحراسة، والصيد، ونحوها.

فالأئمة على تحريم بيع جثة الآدمي:

قال العيني: «قال ابن المنذر: فإذا أجمعوا على تحريم بيع الميتة، فبيع جيفة الكافر من أهل الحرب كذلك، وقال شيخنا: استدل بالحديث على أنه لا يجوز بيع ميتة الآدمي مطلقا سواء فيه المسلم والكافر، أما المسلم فلشرفه وفضله، حتى إنه لا يجوز الانتفاع بشيء من شعره، وجلده، وجميع أجزائه.

وأما الكافر فلأن نوفل بن عبد الله بن المغيرة لما اقتحم الخندق، وقتل، غلب المسلمون على جسده، فأراد المشركون أن يشتروه منهم فقال - صلى الله عليه وسلم -: لا حاجة لنا بجسده، ولا بثمنه فخلى بينهم وبينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>