للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الثاني

في اشتراط تعجيل الأجرة إذا كانت معينة

[م-٧٧٩] اشترط الجمهور تعجيل الأجرة إذا كانت معينة، وليست في الذمة كما لو استأجر أجيرًا بشيء بعينه من عين أو عرض، أو حيوان (١).

وعللوا ذلك: بأنه يترتب على تأخيرها غرر، فالعين المعينة عرضة للتلف، أو لتغير أوصافها مما يفضي إلى النزاع.

ولأن الله سبحانه وتعالى قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة:٢٨٢].

فالآية تدل على جواز التأجيل في الديون، ولم يرد في النصوص ما يشير إلى جواز تأجيل الأعيان، ولهذا قال الكاساني في البدائع «التأجيل يلائم الديون، ولا يلائم الأعيان» (٢).

وقال ابن عابدين: «الأعيان لا تقبل التأجيل» (٣).


(١) حاشية ابن عابدين (٥/ ١٥٨)، التاج والإكليل (٥/ ٣٩٣)، الخرشي (٧/ ٣)، الشرح الكبير (٤/ ٣)، غاية البيان شرح زبد ابن رسلان (ص: ٢٣٦)، شرح البهجة (٣/ ٣١٣).
(٢) وتمام كلامه رحمه الله، قال في البدائع (٥/ ١٧٤): «ومنها: شرط الأجل في المبيع العين، والثمن العين، وهو أن يضرب لتسليمها أجل; لأن القياس يأبى جواز التأجيل أصلًا; لأنه تغيير مقتضى العقد; لأنه عقد معاوضة تمليك بتمليك، وتسليم بتسليم، والتأجيل ينفي وجوب التسليم للحال، فكان مغيرًا مقتضى العقد، إلا أنه شرط نظر لصاحب الأجل لضرورة العدم ترفيهًا له وتمكينًا من اكتساب الثمن في المدة المضروبة، ولا ضرورة في الأعيان، فبقي التأجيل فيها تغييرًا محضا لمقتضى العقد، فيوجب فساد العقد ويجوز في المبيع الدين، وهو السلم، بل لا يجوز بدونه عندنا على ما نذكره في موضعه، وكذا يجوز في الثمن الدين، وهو بيع الدين بالدين; لأن التأجيل يلائم الديون، ولا يلائم الأعيان; لمساس حاجة الناس إليه في الديون، لا في الأعيان على ما بينا».
(٣) حاشية ابن عابدين (٥/ ١٥٨)، وانظر فتح القدير (٦/ ٤٤٨)، الفتاوى الهندية (٣/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>