للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس

في عناصر المالية

من خلال التعريفات السابقة في المال، ومن خلال دراسة الفروق بين مذهب الحنفية ومذهب الجمهور نستطيع أن نتبين عناصر المالية على القول الصحيح فيما يلي:

الأول: أن يأذن الشارع بتملكه، فما نهى الشرع عن تملكه، أو كان الشيء بطبيعته لا يقبل الملكية فلا يعتبر مالًا.

قال ابن عبد البر رحمه الله: «المعروف من كلام العرب أن كل ما تملك وتمول فهو مال».

ثم قال أبو عمر: «وهذا أبين من أن يحتاج فيه إلى استشهاد .... لأن العلم محيط، واللسان شاهد في أن ما تملك وتمول يسمى مالًا .. » (١).

وفي القاموس: «المال ما ملكته من كل شيء» (٢).

وفي اللسان: «المال معروف: ما ملكته من جميع الأشياء» (٣).

فما لا يقبل الملكية لا يمكن أن يكون مالًا كالصحة والشرف والشجاعة والذكاء والهواء في الجو، والماء في البحر، والشمس والنجوم.

الثاني: أن يكون مشتملًا على منفعة مباحة شرعًا واعتاد الناس تمولها (٤).


(١) التمهيد (٢/ ٥ - ٦).
(٢) القاموس المحيط (ص: ١٣٦٨).
(٣) لسان العرب (١١/ ٦٣٢).
(٤) وهذا القيد يختلف عن القيد الأول، وهو قولنا: أن يأذن الشرع بتملكه؛ لأن الشرع قد يأذن بتملك بعض الأعيان، وتكون مشتملة على منفعة، ولكن ليس لها قيمة شرعية كالكلب مثلًا، فقد رخص الشارع بتملكه للحاجة، ونهى عن ثمنه.
ومثل شحوم الميتة فقد جاء في الحديث المتفق عليه بأنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، ومع ذلك نهى عن بيعها مما يدل على أنها ليس لها قيمة شرعًا.
وباب الانتفاع أوسع من باب البيع، فصحة البيع لعين ما يدل على ماليته، بينما الانتفاع بها لا يدل على المالية، فكل مال ينتفع به، وليس كل ما ينتفع به يعتبر مالًا.
يقول ابن القيم: «وينبغي أن يعلم أن باب الانتفاع أوسع من باب البيع، فليس كل ما حرم بيعه حرم الانتفاع به، بل لا تلازم بينهما، فلا يؤخذ تحريم الانتفاع من تحريم البيع» (١).
فإذا حرم الشارع بيع عين من الأعيان لم تكن لها قيمة شرعًا ما دامت على تلك الحال، وإذا لم تكن لها قيمة لم تعتبر مالًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>