[م-٣٧٨] من البيوع التي منعها بعض الفقهاء دفعًا للضرر بيع العنب لمن يعصره خمرًا، ومثله بيع السلاح في زمن الفتنة، ومثله كل بيع يكون في نفسه مشروعًا، والباعث على البيع غير مشروع، فالعنب بيعه مشروع، ولكن الباعث على الشراء غير مشروع، وهو عصره ليتخذ خمرًا، وكذلك بيع السلاح مشروع، ولكن الباعث عليه وهو الظلم، والقتل غير مشروع، ومثل استئجار البيت مشروع، ولكن استئجاره، ليباع فيه الخمر، أو يتخذ محلًا للدعارة غير مشروع، فهل يحرم البيع نظرًا لأن الباعث على هذا الفعل غير مشروع، أو لا يحرم باعتبار أن البيع أصله مباح، والباعث نية في قلب العاقد، لا أثر لها في صحة العقد أو بطلانه.
ولتحرير الخلاف في هذه المسألة نذكر محل الاتفاق، ثم نذكر محل الخلاف:
إذا كانت صيغة العقد (الإيجاب والقبول) قد تضمنت النص الصريح على ذكر الباعث على هذا العقد، وكان الباعث غير مشروع فالبيع لا يجوز.
فإذا قال: بع عليَّ عصيرًا، لأتخذه خمرًا، أو قال: بع علي سلاحًا، لأقتل به معصومًا، أو قال: بعني بيتك، لأتخذه مكانًا لبيع الخمور، أو لأقيم عليه كنيسة، أو بع علي خشبتك، لأعمل منها صليبًا، أو بع علي هذا البيض، للعب القمار، أو غير ذلك من الأمور غير المشروعة، فالبيع، والإجارة في مثل هذه الحالة لا يصحان قولًا واحدًا؛ لأن البيع لو صح في مثل هذه الحالة، لكان ذلك