دليل من قال: يجوز بيع الدين على غير من هو عليه بالشروط المذكورة.
ما دام أن الدين ثابت في الذمة، لا يخشى سقوطه، وكان الثمن حالًا، لم يكن بيعه من باب بيع الدين بالدين المنهي عنه، ولأن الذين منعوه، إنما منعوه: إما خوفًا من الغرر، وإما خوفًا من الوقوع في الربا، ولذلك جعلنا لجواز هذا البيع، ما ينفي وقوع الغرر، وذلك بكون الدائن مليئًا مقرًا بما عليه من الدين، كما جعلنا لهذا البيع من الشروط ما ينفي الوقوع في الربا من اشتراط التقابض في المجلس، وكون المبيع مما يجوز بيعه قبل قبضه، وألا يكون الثمن ذهبًا بفضة، فإذا تحققت هذه الشروط انتفى خوف الغرر، كما انتفى خوف الوقوع في الربا، فلا حرج في جواز هذا البيع، والله أعلم.
[الراجح]
القول بالجواز، وإذا كنا منعنا في بيع الدين على من هو عليه ألا يربح فيه؛ لأن الدين ليس من ضمان البائع، فإنه لا مانع في بيع الدين على غير من هو عليه من أن يربح فيه البائع، فيجوز له أن يبيعه بمثل ثمنه أو أقل أو أكثر؛ لأن البائع إذا باع شيئًا موصوفًا في الذمة كانت ذمته مشغولة بالضمان، وإذا كان ضامنًا لم يمنع من الربح فيه، ولا مانع أن يكون المتعهد بالضمان المدين الأول والمدين الثاني.
وكون الشيء مضمونًا على شخص بجهة، ومضمونًا له بجهة أخرى غير ممتنع شرعًا ولا عقلًا، ويكفي في رده أنه لا دليل على امتناعه، فهذا المستأجر يجوز له إجارة ما استأجره، والمنفعة مضمونة له على المؤجر، وهي مضمونة عليه للمستأجر الثاني (١).