للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وجه الاستدلال]

أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أجاز لحبان بن منقذ أن يشترط الخيار في بيعه دفعًا للضرر عنه، وهذا دليل على جواز اشتراط الخيار في البيع.

والاستدلال بهذا اللفظ رغم ضعفه أصح من الاستدلال بلفظ الصحيحين، لعدم دلالته على المطلوب.

قال ابن الهمام: «أما ما روي في الموطأ والصحيح عن ابن عمر أن رجلًا ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يخدع في البيوع، فقال: إذا بايعت فقل: لا خلابة، والخلابة الخديعة، فليس فيه دليل على المقصود، والعجب ممن قال: الأصل في جواز شرط الخيار، ثم ذكر هذا الحديث، وهو لا يمس المطلوب» (١).

قلت: كونه لا يمس المطلوب، لأن شرط الخيار إنما يكون برضا المتعاقدين، بينما هذا يثبت لقائله بمجرد أن يقول: لا خلابة، سواء رضي الطرف الآخر أو لم يرض، ولأن الحديث في الصحيحين لم يذكر مدة معلومة


= سفيان ابن عيينة، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: سمعت منقذًا يقول: لا خذابة، يعني: خلابة، فقلت له: من منقذ هذا؟ قال: لا أعرفه.
وقد عرفه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٨/ ٣٦٦)، وعرفه البخاري في التاريخ الكبير (٨/ ١٧)، والله أعلم.
ولا يعل الحديث الاختلاف في صاحب القصة ما دامت تدور على صحابي، فسواء كان حبان ابن منقذ أو والده، فكلاهما من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم عدول، لكن ما يؤثر في صحة الحديث الاختلاف في وصله وإرساله، والاختلاف في ذكر اشتراط الخيار مدة ثلاثة أيام، وهل قول: ... لا خلابة يجعل صاحبه بالخيار مطلقًا كما ورد في بعض طرقه، أو بالخيار إن تعرض لغبن أو خديعة، لأن القصة تدور على رجل يغبن في البيوع، فطلب منه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يشترط لا خلابة، ومعنى ذلك أن الشرط مؤثر في حال وجود الخلابة في العقد، أما في حال انتفاء الخلابة فكيف يجعل له الخيار.
(١) فتح القدير (٦/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>