للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاء في الحاوي: «الجعل إنما يستحق في مقابل عمل، وليس الضمان عملًا، فلا يستحق به جعلًا» (١).

[ويناقش]

بأن الضمان له قيمة شرعية، فالمال ليس محصورًا في الأعيان فقط، وإنما يشمل الأعيان والمنافع، والضمان مشتمل على منفعة مقصودة، بدليل حديث الخراج بالضمان، وهو حديث وإن كان فيه كلام إلا أن العمل عليه، وسبق تخريجه، وقد دل هذا الحديث بأن الضمان له قيمة مالية، فقوله - صلى الله عليه وسلم - (الخراج) يراد به: ما يخرج ويحصل من غلة العين، وذلك بأن يشتري الرجل سلعة، فيستغلها زمنًا، ثم يظهر أن السلعة مستحقة لآخر فيتبين أن العقد باطل، فيجب عليه رد العين، وأخذ الثمن، ويكون للمشتري ما استغله؛ لأن المبيع لو تلف في يده لكان من ضمانه.

وقوله - صلى الله عليه وسلم - (بالضمان) الباء سببية، أي أن استحقاق الخراج كان بسبب الضمان. وهذا التلف احتمالي، وقد يكون نادرًا، ومع ذلك فالخراج مستحق له بسبب أنه شغل ذمته بالضمان لهذا الخطر الاحتمالي النادر. وهو ضمان مجرد ما دام أن السلعة قد تحقق، وهو يردها أنها تتعرض لأي نقص، ومع ذلك فقد استحق هذا الخراج بمجرد هذا الضمان، فدل على أن التزام الضمان له قيمة مالية مقصودة، وأنه يسوغ بذل العوض في مقابل تحصيله إذا لم يترتب على ذلك محذور شرعي آخر غير العوض على الضمان.

ومع قولي ذلك فإن الخراج بالضمان مشروط بأن لا يترتب على ذلك محذور


(١) الحاوي الكبير (٦/ ٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>