[م-١٨٠٩] لو كان الباعث على الاشتراط هو الضرورة، وقد مثل له المالكية بأن يعم الخوف على النفس والمال جميع طرق المحل التي يذهب المقرض منها إليه، فإذا عم الخوف، جاز اشتراط المقرض الوفاء في بلد آخر تقديمًا لمصلحة حفظ المال والنفس على مضرة النفع في القرض (١).
وهذا يتفق مع قواعد الشريعة، وهو ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، وتفويت المصلحة الصغرى لجلب مصلحة أكبر.
ويشهد لصحة هذه القاعدة نصوص شرعية: كما خرق الخضر عليه السلام السفينة، وقام بقتل الغلام، وكما ترك المصطفى - صلى الله عليه وسلم - قتل المنافقين حتى لا يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقتل أصحابه، وترك النبي - صلى الله عليه وسلم - بناء الكعبة على قواعد إسماعيل خوفًا من الافتتان.
[المسألة الخامسة]
[م-١٨١٠] إذا كان الوفاء بالقرض مشروطًا من قبل المقرض، أو كان متعارفًا عليه؛ لأن المعروف كالمشروط، وكان في اشتراط الوفاء في بلد آخر ينطوي على نفع للمقرض والمقترض، فإن هذه المسألة فيها خلاف بين الفقهاء على ثلاثة أقوال:
[القول الأول]
يحرم الوفاء بهذا الشرط مطلقًا، سواء أكان القرض يحتاج حملة إلى مؤنة أم