للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وأجيب عن هذا الحديث بثلاثة أجوبة]

[الجواب الأول]

ذهب أبو حاتم الرازي إلى أن قوله: (فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) مدرج من كلام جابر، وليس من كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لأن لفظ الحديث مكون من جملتين: أحدهما حكاية من جابر عن قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - (قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم) فهذا اللفظ ليس لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو لفظ جابر حكاية عن حكم النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والجملة الثانية (فإذا وقعت الحدود ... ) هذه جملة قولية، فالذين يرون أنها من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يرون الالتفات من حكاية جابر رضي الله عنه لقضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى نقل جابر لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -، دون أن يكون هناك دليل على هذا الالتفات، ولو كان هذا القول صادرًا من النبي - صلى الله عليه وسلم - لاقتضى ذلك أن يقول جابر، وقال: فإذا وقعت الحدود، ليفصل جابر بين حكايته، وبين قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما لم يذكر القول للنبي صارت الجملة القولية من جابر أيضًا، وليس في الحديث ما يدل على أنه من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (١).

جاء في العلل لابن أبي حاتم: «سألت أبي عن حديث رواه معمر، عن


(١) ولهذا أمثلة من السنة، منها ما رواه البخاري (٥٣٠) ومسلم (١٧) من حديث ابن عباس في قصة وفد عبد القيس لما أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع. أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال: أتدرون ما الإيمان بالله وحده .... ونهاهم عن أربع، عن الحنتم والدباء والنقير، والمزفت، وربما قال المقير. وقال: احفظوهن، وأخبروا بهن من رواءكم.
فهنا الصحابي لما انتقل من حكاية ما أمر به النبي وما نهى عنه إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء بلفظ: قال؛ ليبين أن القول قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>