للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الرابع]

أن المضاربة الفاسدة تجري مجرى الصحيحة في جميع أحكامها، فيقتسمان الربح على ما شرطاه، وهذا ما اختاره الشريف أبو جعفر من الحنابلة.

واستدل له: بأنه عقد يصح مع الجهالة فيثبت المسمى في فاسده كالنكاح (١).

[الراجح]

الذي أميل إليه أن يعطى العامل ربح المثل؛ لأن القول بإعطائه أجرة مثله يلزم عليها كون العامل يستحق الأجرة مطلقًا ربح أم لم يربح، وقد تزيد الأجرة على رأس المال. وقد يربح أرباحًا طائلة، وقد لا يربح فيعود ذلك بالضرر على أحد العاقدين، وقد يحاول العامل أن يفسد عقد المضاربة إذا لم يجد ربحًا ليأخذ أجرة المثل مطلقًا.

يقول ابن تيمية: «الصواب أنه يجب في المضاربة الفاسدة ربح المثل، لا أجرة المثل، فيعطى العامل ما جرت به العادة أن يعطاه مثله من الربح، إما نصفه، وإما ثلثه، وإما ثلثاه، فأما أن يعطى شيئًا مقدرًا مضمونًا في ذمة المالك كما يعطى في الإجارة والجعالة فهذا غلط ممن قاله، وسبب الغلط ظنه أن هذا إجارة، فأعطاه في فاسدها عوض المثل، كما يعطيه في المسمى الصحيح، ومما يبين غلط هذا القول أن العامل قد يعمل عشر سنين، فلو أعطي أجرة المثل لأعطي أضعاف رأس المال، وهو في الصحيحة لا يستحق إلا جزءًا من الربح إن كان هناك ربح، فكيف يستحق في الفاسدة أضعاف ما يستحقه في الصحيحة» (٢).

* * *


(١) المغني (٥/ ١٣).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٠/ ٥٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>