(٢) المالكية قالوا بالأخذ بالشفعة رغم أنهم اعتبروا الإقالة بحكم الملغاة، فمن باع عقار مشتركًا، ورجع إليه بالإقالة، وأراد شريكه الأخذ بالشفعة، فإنه يأخذه بثمن البيع الأول، وتعد الإقالة لغوًا، ولا ينظر إلى الثمن الذي وقعت به الإقالة حتى لو اختلف عن الثمن الأول. انظر مواهب الجليل ومعه التاج والإكليل (٤/ ٤٨٥)، الخرشي (٥/ ١٦٦)، الذخيرة (٧/ ٣٥٥)، الشرح الصغير (٣/ ٢٠٩ - ٢١٠).
وجاء في المنتقى للباجي (٦/ ٢١٤): «الإقالة لا تمنع الأخذ بالشفعة; لأن حق الشفيع قد وجب في الشقص المشترى، وأثبت له الخيار في أخذه أو تركه، فلم يكن للمشتري والبائع أن يسقطا حقه منه بالإقالة ولا بغيرها، ولا خلاف أن للشفيع أن يأخذ بالبيع الأول، وهل له أن يأخذ بالإقالة، وتكون عهدته على المشتري أم لا؟ مبني على اختلاف قولهم في الإقالة، هي بيع حادث أم نقض بيع؟ فإذا قلنا: إنها نقض بيع لم يكن له أن يأخذ بالإقالة، وإنما له أن يأخذ بالبيع الأول، وتبطل الإقالة لما كانت مبطلة لحق الشفيع بعد وجوبه ولزومه; ولذلك قال مالك: ولو سلم الشفعة صحت الإقالة، وهو الذي قاله مالك في الموازية، والمجموعة، قال أشهب: وهذا استحسان. وقال مطرف وابن الماجشون في الواضحة: إن رأى أن الإقالة كانت لقطع الشفعة، فهي باطلة، وللشفيع الشفعة ثابتة وإن رأى أنها على الصحة صحت الإقالة وللشفيع أن يأخذ بأيهما شاء، وإذا قلنا: إنها بيع حادث، وهو الذي ذكره القاضي أبو محمد، فإن له أن يأخذ بالبيع الأول أو بالإقالة، فتكون عهدته إن شاء على البائع وإن شاء على المشتري مع التساوي في الثمن، ولو كانت الإقالة بأقل من الثمن الأول أو أكثر، فهو بيع حادث ولا خلاف فيه، فله أن يأخذ بالأول أو الثاني أيهما شاء». وانظر الخلاف في حقيقة الإقالة فقد تكلمنا عن مذهب المالكية بشيء من التفصيل، والله أعلم.