للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البائع من الثمن إنما هو دين متعلق بالذمة، والذمة باقية بعد الإفلاس كبقائها قبله لم تتغير، فالقول بأن البائع يملك الفسخ بالإفلاس، ونقض البيع، وبالتالي نقض الملك الثابت بعقد صحيح مخالف للأصول.

[ويناقش]

بأننا لا نسلم أولًا أن الحديث مخالف للأصول، وسيأتي في الدليل الثاني والثالث أن فسخ العقد هو مقتضى القياس الصحيح هذا من جهة، ومن جهة أخرى دعوى أن خبر الآحاد إذا خالف الأصول وجب رده قول مجانب للصواب، بل يجب العمل به كالخبر المتواتر، وحديث إنما الأعمال بالنيات من أعظم الأحاديث التي يعتمد عليها في الأحكام، ومع ذلك هو فرد غريب، ولم يمنع ذلك من صحته مع عظم الحاجة إليه، وتبليغ الرسالة من أعظم الأمور، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرسل آحاد الصحابة لتبليغها عن طريق المكاتبة وغيرها، وكانت الحجة تقوم بذلك، وأكثر الأخبار التي تعم بها البلوى هي أخبار آحاد، والأخبار المتواترة قليلة، بل إن تقسيم الأحاديث إلى متواتر وآحاد هو تقسيم حادث، لا يعرف عند أئمة السلف المتقدمين، ثم الدعوى برد الحديث الصحيح بدعوى مخالفته للأصول دعوى واهية؛ لأن الحديث أصل بذاته، وحجة بنفسه، وإذا سلم أن هذا يعارض الأصول تكون المسألة الواردة بهذا الحديث مستثناة من الأصل لورود الحديث الصحيح بخصوصها، والله أعلم.

[الدليل الثاني]

القياس على المسلم فيه إذا تعذر تسليمه، فإذا كان الفقهاء يرون فسخ عقد السلم إذا تعذر تسليم المسلم فيه، وهو أحد العوضين، فكذلك إذا تعذر تسليم الثمن يستحق البائع الفسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>