للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دليل من قال: الأمر لا يتعلق بالسن.]

(ح-٣٣) استدلوا بما رواه البخاري من طريق الزبيدي، عن الزهري،

عن محمود بن الربيع قال: عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة، مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو (١).

قال ابن القيم:

«ينشأ معه - يعني الصبي - التمييز والعقل على التدريج شيئًا فشيئًا إلى سن التمييز وليس له سن معين، بل من الناس من يميز لخمس، كما قال محمود ابن الربيع: عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي من دلو في بئرهم، وأنا ابن خمس سنين، ولذلك جعلت الخمس سنين حدًا لحدة سماع الصبي، وبعضهم يميز لأقل منها، ويذكر أمورا جرت له وهو دون الخمس سنين» (٢).

قلت: لا يلزم من تذكر حدث معين ليس فيه تفاصيل كثيرة أن يكون هذا دليلًا على أنه بلغ سن التمييز، والذي يحسن معه التصرف في البيع والشراء، ومعرفة النافع والضار إلى غير ذلك، فقد ينقل الطفل الصغير الكلام اليسير بين أبيه وأمه، وقد يعده أبوه بشراء شيء له، فيحفظ هذا، ويسأل أباه عنه إذا تخلف في وعده، وقد يزجره أبوه عن فعل ما، فيمتثل أمره، ولا يفعله مرة أخرى، وإن كان لا يقال مع ذلك قد بلغ مرحلة التمييز التي تؤهله أن يتصرف في البيع والشراء.

(ح-٣٤) فقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة، واللفظ لمسلم، قال: أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة (٣).


(١) صحيح البخاري (٧٧).
(٢) تحفة المولود (ص: ٢٩١).
(٣) مسلم (١٠٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>