(٢) قصة مخيريق لا تثبت من حيث الإسناد، فهي إما أسانيد رواها محمد بن عمر الواقدي، كما في أسانيد ابن سعد في طبقاته، رواها من أكثر من طريق، ومدارها على الواقدي، وهو متروك. وإما بلاغات لا تقوم بها حجة، رواها ابن إسحاق في السيرة (٣/ ٥١) وعنه نقلها أصحاب السير، كابن كثير، والطبري وغيرهما. قال ابن إسحاق: وكان من حديث مخيريق، وكان حبرًا عالمًا، وكان رجلًا غنيًا كثير الأموال من النخل، وكان يعرف رسول الله بصفته، وما يجد في علمه، وغلب عليه إلف دينه فلم يزل على ذلك حتى إذا كان يوم أحد، وكان يوم أحد يوم السبت، قال: يا معشر يهود، والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق، قالوا: إن اليوم يوم السبت. قال: لا سبت لكم، ثم أخذ سلاحه، فخرج حتى أتى رسول الله - عليه السلام - بأحد، وعهد إليه من وراءه من قومه: إن قتلت هذا اليوم، فأموالي لمحمد - عليه السلام - يصنع فيها ما أراه الله، فلما اقتتل الناس قاتل حتى قتل، فكان رسول الله - عليه السلام - فيما بلغني يقول: مخيريق خير يهود، وقبض رسول الله - عليه السلام - أمواله، فعامة صدقات رسول الله - عليه السلام - بالمدينة منها. ورواها عمر بن شبة في تاريخ المدينة (٥٠٤)، قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد العزيز بن عمران، عن عبد الله بن جعفر بن المسور، عن أبي عون،
عن ابن شهاب، قال: كانت صدقات رسول الله - عليه السلام - أموالًا لمخيريق اليهودي، قال: عبد العزيز: بلغني أنه كان من بقايا بني قينقاع، ثم رجع حديث ابن شهاب: قال: وأوصى مخيريق بأمواله للنبي، وشهد أحدًا، فقتل به، فقال رسول الله - عليه السلام -: مخيريق سابق يهود، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة، قال: وأسماء أموال مخيريق التي صارت للنبي - عليه السلام -: الدلال، وبرقة، والأعواف، والصافية، والميثب، وحسنى، ومشربة أم إبراهيم. وهذا مع كونه مرسلًا، فإن في إسناده عبد العزيز بن عمران، وهو متروك الحديث.