قال تعالى:{لَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ}[النساء: ٢٩] فلا بد في صحة العقد من وجود الرضا من المتعاقدين.
[الدليل الثاني]
لو حدث في السلعة المعيبة عيب جديد عند المشتري لم يكن للمشتري حق رد السلعة وقد تغيرت عنده، وكان له أخذ الأرش من البائع عند فقهاء الأئمة الأربعة (١)، فكذلك ما نحن فيه بجامع أن كلًا منهما عيب في المبيع.
ومثله لو تلفت السلعة عند المشتري، ثم اطلع على عيب قديم فيها، فإن له الرجوع بالأرش.
[ويجاب]
بأن الرجوع إلى الأرش مع تعذر الرد نوع من الاضطرار أكثر منه من الاختيار؛ لأننا إما أن نقول بعدم الأرش، وهنا إضرار بالمشتري، أو نقول بوجوب الرد مع تغير السلعة وهذا إضرار بالبائع، فكان القول بالأرش هنا من باب الاضطرار، ويختلف الحال عنه إذا كانت السلعة قائمة بحالها لم تتغير، فإنه بالإمكان فسخ العقد برد السلعة على البائع، والرجوع بالثمن للمشتري، وهنا لم يتضرر كل من البائع والمشتري.
[الراجح]
بعد استعراض الأقوال وأدلتها أجد أن القول القوي الذي تؤيده الأدلة أن الأرش لا يلزم البائع إلا برضاه، وأن المشتري له الخيار بين الإمساك وبين الرد، والله أعلم.
* * *
(١) سيأتي إن شاء الله تعالى بحث هذه المسألة عند الكلام على موانع رد السلعة المعيبة.