للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكم شيئًا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه، يقول: اللهم هل بلغت، بصر عيني وسمع أذني، ورواه مسلم (١).

[وجه الاستدلال]

أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينظر إلى لفظ المعطي، وإنما نظر إلى قصده ونيته، فلما كان الحال يدل على أن المعطي إنما أعطى نظرًا لولاية المعطى؛ لينتفعوا منه تخفيفًا عنهم أو تقديمًا لهم على غيرهم أو لغيرها من الأسباب لم يعتبر ذلك هدية، وكان هذا الحديث أصلًا في اعتبار المقاصد ودلالات الحال في العقود (٢).

[الدليل الثالث]

النية تؤثر في صحة العقد وفساده، وفي حله وحرمته، وفي الثواب والعقاب، بل تؤثر حتى في الفعل الذي ليس بعقد فيصير حلالًا تارةً، وحرامًا تارة باختلاف النية والقصد فالحيوان حلال أكله إذا ذبح لله، ويحرم إذا ذبح لغير الله وكذلك الحلال يصيد الصيد للمحرم فيحرم عليه، ويصيده للحلال فلا يحرم على المحرم وكذلك الرجل يشتري الجارية ينوي أن تكون لموكله فتحرم على المشتري، وينوي أنها له فتحل له وصورة العقد واحدة وإنما اختلفت النية والقصد وكذلك صورة القرض وبيع الدرهم بالدرهم إلى أجل صورتهما واحدة، وهذا قربة صحيحة، وهذا معصية باطلة بالقصد وكذلك عصر العنب بنية أن يكون خمرًا معصية ملعون فاعله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعصره بنية


(١) البخاري (٦٩٧٩)، ومسلم (١٨٣٢).
(٢) انظر إقامة الدليل (٦/ ١٥٧ - ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>