للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون على الماء، وعلى مقدار مدة اللبث في الحمام، وهما مجهولان، والإجارة لا تصح إلا بشرط معرفة العين المستهلكة من الماء، ومدة اللبث في الحمام، ومع كون العقد مشتملًا على جهالتين: جهالة المدة، وجهالة المعقود عليه، ومع ذلك صح دخول الحمام بأجرة والغرر ليس كله منهيًا عنه، بل هناك غرر متفق على قبوله، كالغرر اليسير، وغرر مجمع على النهي عنه كالغرر الكثير، وغرر مختلف فيه، هل يدخل في الغرر اليسير، فيقبل، أو في الغرر الكثير، فيمنع، وعقد التعليم مع تحديد السور المراد تعلمها من الغرر اليسير المقبول إن شاء الله تعالى.

يقول ابن عابدين: «الناس في سائر الأمصار يدفعون أجرة الحمام، وإن لم يعلم مقدار ما يستعمل من الماء، ولا مقدار القعود، فدل إجماعهم على جواز ذلك، وإن كان القياس يأباه لوروده على إتلاف العين مع الجهالة)) (١).

[الاعتراض الثاني]

قالوا: إن تعليم القرآن قربة أخروية، ومنفعة بضع المرأة عرض دنيوي، والمعاوضة على القرب بعرض من الدنيا لا يجوز، قال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. [هود: ١٦].

ويجاب عن هذا:

بأن تعليم القرآن مركب من أمرين، القيام بالتعليم، وكونه من القرآن، فالتعليم بحد ذاته منفعة دنيوية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المحذور أن


(١) حاشية ابن عابدين (٥/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>