للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وادخارها، فكذلك الدين فإنه مال، وإن كان متعلقًا بالذمة.

[الدليل الثالث]

أكثر أموال التجار هي ديون، فلو لم نعتبرها مالًا لتضرر الفقراء لعدم وجوب الزكاة فيها؛ لأن الزكاة لا تجب إلا في ما يعتبر مالًا، وهذا إضرار كبير بمصلحة الفقراء دون دليل.

[الدليل الرابع]

الديون في حقيقتها إما أعيان أو منافع، وتعلقها بالذمة لا يغير شيئًا من ماهيتها لا من قريب ولا من بعيد، وإنما له تعلق في أبواب أخرى كباب الضمان مثلًا، فما تعلق بالذمة وجب رد مثله ولو تلف مال المدين، وما كان تعلقه بالعين، ثم تلف لم يضمن إلا ما كان فيه تعد أو تفريط (١)، كما أن ما تعلق بالذمة يمكن الوفاء من أي ماله شاء، ولا يتعلق الوفاء بمال بعينه، بخلاف ما تعلق بالعين فإنه يجب رد نفس العين (٢)، فتحديد المتعلق إنما هو لهذه المصلحة وأمثالها، وهذا لا ينفي المالية.


(١) قال في الحاوي (٣/ ١٢٨): «كل حق ثابت في الذمة لا يبطل بتلف المال كالدين والقرض، وكل حق تعلق بالعين يبطل بتلف المال كالوديعة والمضاربة وإرش الجناية».
(٢) هذا هو الأصل في جميع الديون، إلا أن لهذه القاعدة استثناءات، حيث إن بعض الديون تتعلق بأعيان المدين المالية، من ذلك الدين الذي استوثق له صاحبه برهن، فإنه يتعلق بالعين المرهونة، وعلى ذلك فلا يكون لصاحبها أن يتصرف فيها إلا بإذن المرتهن، ومن ذلك الدين الذي حجر على المدين بسببه، فإنه يتعلق بأمواله، ومن ذلك حقوق الدائنين في مال المريض مرض الموت، حيث إنها تتعلق بمال المريض بعد أن كانت متعلقة بذمته في حال الصحة، وكل هذه الأبواب سيأتي التفصيل فيها إن شاء الله تعالى في بابها، وإنما اقتضت الإشارة إليها هنا، والله الموفق والمستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>