العربون جزاء حبس السلعة عن عرضها للبيع، وقد يحرم البائع فرصًا في بيعها، وربما كانت هذه الفرص أكثر غبطة ومصلحة لمالكها، فالعربون عوض عن هذا الحرمان. وهذا التخريج فيه قوة.
[القول السادس]
ذهب الشيخ عبد الله بن منيع وفقه الله إلى توصيف العربون وتخريجه بطريقة مختلفة:
فقال:«قد يخرج بيع العربون على أنه بيع ناجز بين البائع والمشتري بثمن معين، يدفع المشتري جزءًا من الثمن هو العربون، والباقي يدفعه في حال اختياره نفاذ البيع، ويعطيه البائع وعدًا بشراء ما باعه إياه في حال رغبته عن المبيع، وبثمن أقل من ثمن ما اشتراه بقدر العربون»(١).
وقد ظن الشيخ بأنه بهذا التوصيف قد استطاع الخروج من الإيرادات التي قد يوردها الجمهور، وأعتقد أنه بهذا قد زاد العقد تعقيدًا، وإن كان قد سلم من بعضها، فالجمهور حتى على هذا التوصيف لا يجيزونه، حتى الحنابلة لو خرج على هذا النحو لم يجيزوه، وذلك أنهم يمنعون بيعتين في بيعة.
فضلًا عن الحنفية والشافعية الذين يمنعون من بيع وشرط.
فهو عقد يقول فيه المشتري: أشتري منك هذا المبيع دينًا بشرط أن تشتري مني السلعة إذا رغبت عن السلعة في مدة معينة بقيمة أقل من القيمة التي اشتريتها بها، وهذا النقص يحدده قدر العربون، ثم نتقاص ما وجب في ذمة كل واحد منا.
(١) حكم العربون في عقود البيع والإجارة - الشيخ عبد الله بن منيع، بحث مقدم لمجلة مجمع الفقه الإسلامي (٨/ ١/ص: ٦٨٣).