للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وحيد الدين سوار في كتابه القيم (التعبير عن الإرادة) واستدل على أن الفقهاء قد واجهوا شرط السماع في التعاقد بين الغائبين مواجهة صريحة مستدلًا بثلاثة أدلة:
الأول: جعل الفقهاء المتقدمون قراءة الإيجاب من القابل بمنزلة سماعه مباشرة من الموجب.
جاء في رد المحتار: «سماع كل - أي ولو حكمًا - كالكتاب إلى غائبه؛ لأن قراءته قائمة مقام الخطاب». فهذا نص منهم على أنهم واجهوا حكم السماع في البيع بين الغائبين.
ورد عليه:
بأنهم في هذا النص أرادوا أن يبينوا أن قراءة الإيجاب المكتوب تكون سماعًا حكمًا في حق الموجب، لا أنهم أرادوا أن يستثنوا القابل من شرط السماع، وبينهما فرق، فلما نصوا على اشتراط السماع لانعقاد البيع، فقد يعترض معترض على أن القابل لم يسمع من الموجب، فقالوا: إن قراءة المكتوب سماع حكمًا، وأما سماع الرسول أو حامل الخطاب للقبول فهو سماع حقيقة فلم يحتج الأمر إلى النص عليه.
الدليل الثاني: كون الحنفية نصوا على اشتراط سماع الشهود لقبول المرأة إذا كتب لها رجل إيجابه في نكاحها، فكان هذا دليلًا على أنهم لم يتركوا السماع في البيوع اختصارًا ولا اقتصارًا، وإنما تركوه عمدًا لأنه ليس بشرط عندهم، وإلا لنصوا عليه كما نصوا عليه في النكاح، وكما نصوا عليه في حال كان المتعاقدان حاضرين.

ونوقش هذا:
بأن هذا دليل عليه، فكونهم يشترطون سماع الشهود قبول المرأة دليل على أنه لا بد من السماع، والبيع مقيس على النكاح.
وربما حملهم على النص على سماع الشهود ليبينوا أن النكاح لا يد فيه من أن يكون القبول عندهم باللفظ بخلاف البيع، فإنه يقع كتابة من الجانبين.
الدليل الثالث: يرى الدكتور وحيد سوار أن أوضح نص يشير إلى مواجهة الفقهاء مواجهة صريحة لشرط السماع، وأن تعبير القابل مستثنى من شرط السماع قول الشيخ عبد القادر الرافعي مفتي الديار المصرية المتوفى سنة ١٣٢٣ تعليقًا على ما جاء في رد المحتار قوله: «(لأن قراءته قائمة مقام الخطاب) الظاهر أن مسألة الكتاب مستثناة من اشتراط سماع كل من العاقدين لفظ الآخر؛ لأن القراءة وإن أقيمت مقام الخطاب لم يوجد من الكاتب سماع القبول من الآخر لا حقيقة ولا حكمًا، وإن وجد المكتوب إليه السماع حكمًا بالقراءة». =

<<  <  ج: ص:  >  >>