ومع أني لست ممن يستريح لهذا القياس، وسبق أن نبهت عليه، إلا أن ما أثاره فضيلة الشيخ الصديق محمد الضرير في التفريق بين العقدين تفريق صحيح، إلا أنه لا يؤثر في الحكم فيما أرى والله أعلم، فإن الضمان قد دللت على جواز المعاوضة عليه فيما سبق، وأن له قيمة شرعية، كما أن الضمان لا يشترط فيه أن يكون المضمون في يد الضامن، وحصر الضمان في أسباب خاصة، وتحريم الضمان فيما عداها قول لا تساعده أدلة شرعية، ولم يأت نص قط في حصر الضمان في عقد من العقود، والضمان تارة يكون بإلزام الشارع، وتارة يكون بإلزام العاقد نفسه، وقد دللت على ذلك فيما سبق، والله أعلم.
[الدليل الثامن]
قياس عقد التأمين التجاري على العاقلة.
والعاقلة في اللغة: مأخوذة من العقل، وهو الدية، سميت بذلك؛ لأن أهل القاتل كانوا يأتون بالدية من الإبل، فيعقلونها بفناء ولي المقتول.
والعاقلة تطلق على الجماعة التي تغرم الدية، وهم عشيرة الرجل، أو أهل ديوانه: أي الذين يرتزقون من ديوان على حدة، أو الموظفين في دائرة واحدة.
وقد اتفق الفقهاء على مشروعية نظام العاقلة في القتل الخطأ.
(ح-٢٢٢) ما روى البخاري من طريق ابن شهاب، عن ابن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن.
أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها، وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقضى أن دية جنينها غرة عبد، أو وليدة، وقضى أن دية المرأة على عاقلتها، ورواه مسلم (١).