للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وجه قول أبي حنيفة]

[الوجه الأول]

أن الأجل لا يثبت إلا في الديون، فلما ذكر فيه الأجل عرفنا أنه من قبيل بيع الدين، وبيع الدين لا يكون إلا سلمًا، وإن لم يذكر السلم صراحة، فالعبرة في العقود بالمعاني دون الألفاظ، ألا ترى أن الكفالة بشرط براءة الأصيل حوالة معنى، وإن لم يأت بلفظ الحوالة، كما أن البيع ينعقد بلفظ التمليك، وكذا الإجارة والنكاح، فالعبرة في العقود بمعانيها، لا بألفاظها (١).

فإن قيل: كيف لا يكون الاستصناع دينًا، وهو عقد على موصوف في الذمة، فما تعلق بالذمة لا يكون عينًا، وإنما يكون دينًا.

قيل: المقصود بالدين ما كشف عنه الكاساني، وهو كون العقد لازمًا.

قال في بدائع الصنائع: «ولأن التأجيل يختص بالديون; لأنه وضع لتأخير المطالبة، وتأخير المطالبة إنما يكون في عقد فيه مطالبة وليس ذلك إلا للسلم; إذ لا دين في الاستصناع، ألا ترى أن لكل واحد منهما خيار الامتناع من العمل قبل العمل بالاتفاق؟» (٢).

فعلل عدم وجود الدين في الاستصناع؛ لأن لكل واحد منهما خيار الامتناع قبل العمل بالاتفاق.

[الوجه الثاني]

إذا ذكر الأجل في عقد الاستصناع، كان العقد محتملًا للسلم، ومحتملًا


(١) انظر المبسوط (١٢/ ١٤٠)، بدائع الصنائع (٥/ ٢١٠).
(٢) بدائع الصنائع (٥/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>