قوله تعالى:{فَاكْتُبُوهُ} وهذا أمر بكتابة الدين بيعًا كان أو قرضًا، والأصل في الأمر الوجوب، ومما يؤيد دلالة هذا الأمر على الوجوب اهتمام الآية ببيان من له حق الإملاء، وصفة الكاتب، وأمر الكاتب بالاستجابة إذا طلب منه ذلك، ونهى عن الملل من الكتابة على أي حال كان من القلة والكثرة، ثم نفى الجناح بترك الكتابة إذا كان البيع حاضرًا يدًا بيد، والتعبير بنفي الجناح بقوله:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا}[البقرة: ٢٨٢] يشعر بلوم من ترك الكتابة عند تعامله بالدين (١).
[وأجيب عن الآية بجوابين]
الجواب الأول:
بأن الأمر في الآية للإرشاد، وليس للإيجاب، والقرينة الصارفة عن الوجوب، قوله تعالى:{وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ}[البقرة:٢٨٣] والرهن لا يجب إجماعًا، وهو بدل من الكتابة عند تعذرها في الآية، فلو كانت الكتابة واجبة لكان بدلها واجبًا، وصرح بعدم الوجوب بقوله:
(١). انظر المحلى، مسألة (١٤١٥، ١١٩٩)، تفسير الطبري ط هجر (٥/ ٧٨)، تفسير القرطبي (٣/ ٣٨٣).